جاليليو.. انعتاق أوربي من GPS أمريكا
16/02/2006
هشام سليمان**
أوربا تعيش هذه الأيام نشوة مبعثها أنها تخطت لحظة كانت بانتظارها منذ فترة زمنية ليست بالقليلة، ظلت تعمل لها سنين، واقترب وقت الحصاد. سبب هذه النشوة أنها أطلقت قبل مطلع عام 2006 بأيام أول قمر صناعي تجريبي أوربي في نظام الملاحة وتحديد المواقع الكوني "جاليليو".
هذا النظام عبارة عن كوكبة من الأقمار الصناعية تدور في أفلاك مرتفعة حول الأرض، ومحطات أرضية للمراقبة والتحكم، إضافة لمجموعة مراكز لتقديم خدمات وتطبيقات النظام. المهم أن منظومة العمل هذه سوف تسمح بتحديد مكان أي شيء متحرك أو ثابت على وجه الأرض بدقة بالغة في أي لحظة.
نظام جاليليو مثله مثل نظام تحديد المواقع العالمي GPS الأمريكي، والروسي Glonass ، وكل هذه النظم تقوم برصد هدف ما عن طريق عدد من الأقمار الصناعية (4 في حالة GPS)؛ ربما كان هذا الهدف مركبة أو شخصا، واشتراك الأقمار لتحديد إحداثيات الهدف في أي لحظة يحدد مكانه بالنسبة للزمان، فتخصيص قمر صناعي لرصد خط الطول الواقع عليه الهدف، وآخر لتحديد على أي من دوائر العرض يقع، وثالث لقياس ارتفاع هذا الهدف عن سطح البحر أو انخفاضه عنه، ورابع لقياس توقيت تلك الأرصاد.
تقنيا فإن ذلك مبني على حساب الفرق في زمن إرسال إشارات راديو من قمر صناعي وزمن الاستقبال في المحطات الأرضية التابعة للنظام، أما علميا فإن هذا التطبيق مؤسس على استخدام ما يعرف بالإزاحة الترددية أو "إزاحة دوبلر".
والفكرة العلمية وراء ذلك مؤسسة على أنه حين يتم إرسال موجة بتردد معين على جسم ثابت؛ فالموجة المرتدة كصدى تكون بنفس التردد، أما إذا أرسلت الموجة بتردد معين على هدف متحرك كالأقمار الصناعية؛ فإنها تستقبل صدى عبارة عن موجة بتردد مختلف عن تردد الإرسال، وبالتالي فإن حساب ومعالجة الفروق والبيانات المرسلة والمستقبلة من كافة أجهزة المنظومة مع تطبيقاتها يمكن تحديد المحددات الأربعة السابق الإشارة لها: خطوط الطول ودوائر العرض، والارتفاع أو الانخفاض بالنسبة لسطح البحر، والزمن.
كلا النظامين الروسي والأمريكي يعمل تحت إشراف ورقابة عسكرية فكلاهما أنشئ بالأساس لأغراض عسكرية، بيد أنه ما لبث أن امتدت خدماتهما إلى الأغراض المدنية، وبالتالي تستفيد منه أوربا ودول أخرى كثيرة، وبذلك توفر خدمات الرصد سواء في المناطق الجبلية أو البحرية أو الصحراوية وعلى الطرق السريعة خاصة، لكن بلا أي ضمان لمدى دقة الرصد، ولا حتى استمرار الخدمة نفسها خاصة في المناطق الحضرية، والبلدان الواقعة في الشمال.
يضاف لما سبق أن السلطات العسكرية في البلدين يمكنها دون سابق إنذار وفجأة إيقاف الخدمة، أو تخفيض الإشارات التي يعمل بها النظام، لأي دواعي أمن قومي في أمريكا أو روسيا.