نتحدث في هذا الباب عن أمر حساس وهام وعن مشكلة يعاني منها الكثير من الناس ، وعن اتهام كثيرين بالشعوذة وهم لا يعلمون ما هي الشعوذة اصلا حتى لو كانوا يمارسون بعضا منها . وغايتي من هذه المعلومات هي تبين وتفسير الكثير عن هذا الموضوع حتى يحذر الناس المشعوذ والاعيبه . ومعرفة الشعوذة واساليبها للذي لا يعرفها ويعمل بها ، ولتبرئة المتهمين بها وعدم ظلمهم بهتانا وزورا . وتوجيه دعوة للتوبة لمن يمارسها وهو يعلمها ويعلم مضارها . لأن هذه الدنيا كسوق انتصب ثم انفض ، ربح فيه الرابحون وخسر فيه الخاسرون . فما اسعد من مخلوق مات وجميع الخلق عليه راضون ، وما اتعس من مخلوق مات وجميع الخلق عليه ساخطون . ينقسم المشعوذون الى ثلاثة اقسام : القسم الاول : المشعوذ الذي يتخرج من ظروف الياس والفقر والبطاله . والقسم الثاني : المشعوذ الذي يتخرج من كمائن الكرامات الزائفة ، والهمم الباطنية التي لا تخلو من الدس الشيطاني ، وهي التي تأتي من خلف ستارة الجهل والتخلف . والقسم الثالث : المشعوذ الذي يتخرج من المدارس الشيطانية النجسة ، ويشرب من بحور الظلام ويتخذ شياطين الجن اولياء من دون الله . اما القسم الاول : فهؤلاء على النحو التالي : شاب فقير من عائلة فقيرة بحث عن عمل فلم يجد المساعدة من الخلق ولم يجد من يعينه وتقطعت به السبل ، فكانت امامه خيارات كثيرة وهي اما ان يلجأ لله ويصبر على بلواه ويرضى بما قسم الله له في قدره ، واما ان يتجه الى النصب والاحتيال والاجرام ليحصل على قوت اطفاله . واما ان يتجه الى شرب الخمر لينسى همومه ، وبعدها يفرط بمبادئه ، ويبدأ ببيعها مبدأ تلو الآخر ، ليخرج من دائرة الفقر المدقع . أو ان يذهب الى السوق ويشتري كتابا من كتب الشعوذة مقابل نصف دينار من المال ويقرأه ، وبعدها يعمل في " كار " الشعوذة ليصبح مشعوذا . وهذا النوع من الشعوذة يمكن ان يتركه صاحبه عندما يجد عملا افضل وهذا يسمى مشعوذ الظرف ، مثله كمثل انسان سرق ليأكل او مرأة باعت نفسها لتنفق على اولادها . ان المقصود بهذا ان ابين ان هذا النوع من الشعوذة اسبابه ناتجة عن الامراض الاجتماعية ، والمسؤول عن وجوده المجتمع بأكمله . ونصيحتي لهذا النوع من المشعوذين ، اخي الانسان اني انظر لك بعين الرحمة والشفقة واذ اناديك بأخي الانسان فأني انادي فيك الخير الذي اوجده الله في صدرك ، مستنكرا الشر في نفسك الذي اوجده ابليس واعوانه فيك . اعرف ما مدى التأثير الشيطاني على ما تبقى من خير في قلبك . كما انني اعلم انك لن تصل بعد الى غنى بعد فقرك في قدرك . ادعوك للتوبة فبادر بها ، للتخلص من الدائرة الشيطانية التي تدور حولك ، فعليك ان تبدأ بالصيام اربعين يوما تختم فيها القرآن وتدعو الله فيها ان يخرجك من هذا المستنقع ويرزقك رزقا حلالا طيبا ، وعليك ان تعلم بأن من توكل على الله فهو حسبه . اسأل الله لنا ولكم الهداية اللهم آمين . اما القسم الثاني من المشعوذين : فهم الذين يظنون انهم اولياء واصحاب كرامات وأصحاب طرق ينسبونها للصوفية ، والطرق الصوفية الصحيحة منهم براء . وفي الحقيقة انها طرائق اتت من الجن للانس عن طريق رؤوس الشعوذه فيها ما يسمى بمشايخها . فعليك الحذر اخي القارىء من الانتساب لهذه الطرائق واسميها طرائق لبعدها الكبير عن الطرق الصوفية ، ولأن الطرق الصوفية اكبر شيخ فيها هو من الانس ويتميز بتقواه وطهارة قلبه وحلمه . اما الطرائق فهي تعود للجن واكبر شيخ فيها من الجن ، وفي الغالب يتخذونهم اولياء من دون الله . وقد ذكرت هذه الطرائق في القرآن الكريم بسورة الجن بقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { وانا منا الصالحون ومنا دون ذلك كناطرائق قددا } آية (11) . وتعرف هذه الطرائق بسلوك أصحابها وسلوكيات شيخها وهي واضحة ومن ابرزها ضرب السيف وضرب الشيش والغيبوبة التي يتبعها التشنج عند المريد اي ما يسمى (بالحال) ، وقراءة العزائم التي ما انزل الله بها من سلطان وكذلك الأقسام . والممارسات التي تختلف عن الشريعة نصا وروحا . اخي القارىء ، عليك ان تعلم ان كل طريقة تدعي انها صوفية وتمارس طقوسا تتنافى مع كتاب الله وسنة رسوله ما هي الا طرائق شيطانية وشعوذة حتى لو تسترت بلباس الاسلام والدين . اما الكرامات ، فهي موجودة ومن الصعب ان تعرف اصحابها ، لانهم يحتفظون بها لانفسهم وتبقى بين صاحبها وربه والكرامة هي سر من الاسرار يفقدها صاحبها عند البوح بها . فضرب الشيش وما شابه ذلك امورخالية من أي كرامة ، وهي شعوذة . وعليك اخي القارىء الحذر منها ومن اصحابها ، ونصيحتي الى اصحاب هذه الطرائق والى ما يسمى بالشيوخ هي على النحو التالي : اقول لهم : اتقوا الله بأنفسكم وبخلق الله وكفاكم دس السم بالدسم لمريديكم ، وادعوكم للتوبة الى الله العلي القدير القهار ، عسى الله ان يقبل توبتكم ، ويبدل سيئاتكم حسنات . والى ما يسمى بالمريدين انكم تتبعون الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا ، اصحوا من نومكم العميق وتخلصوا من عقائدكم الخاطئة ، واعلموا ان شيخكم يبيعكم الى ابليس من حيث لا تدرون ، وابحثوا عن الحقيقة ، فالمسألة تتعلق بالمصير . وعليكم ان تعلموا بأن المقولة الصوفية التي تقول من تحقق ولم يتشرع فقد تزندق هي صحيحة ، لأن كل شيء يخالف شريعة المصطفى باطل وغير صحيح . اسأل الله لي ولكم الصلاح والهداية فكلنا مقصرون . اما القسم التالث : فهم المشعوذون الذين يعرفون ما هم عليه من كفر واضرار بالناس ، فهم تركوا الطريق الرحمانية واتبعوا الطريق الشيطانية حتى اصبحوا من شياطين الانس ، وهم اكثر خطرا على المسلم من شياطين الجن ، وهؤلاء المشعوذون اقل من الساحر رتبة شيطانية واحدة . وهم متنكرون لابسط القيم الانسانية ، ويبذلون جهودا كبيرة لوصولهم لهذا النوع من الشعوذة ، لأن هذا النوع من الشعوذة لا يعطى الا لمن يتلذذ في معصية الخالق ، اي شيطان بثوب انسان ، وهذا النوع من المشعوذين لا يعرفون الطهارة ابدا ، ويتكاثرون في الهند والمغرب . أخي القارىء ، لا يجوز ان نتهم الناس بالشعوذه او بالسحر ما لم نكن متأكدين من ذلك ، لأن الظلم محرم وشيء بغيض . فعلينا أن نعلم بان من يعالج بالقرآن الكريم هو الشيخ ، ولا يجوز التهجم عليه بأي حال من الاحوال ، فان استفدنا منه ام لا فلا نقول له الا جزاه الله خيرا . اقول هذا ، لأن الناس اذا ذهبوا الى شيخ واستفادوا من قراءته قدسوه وضربوا به الامثال ، واذا لم يستفيدوا اتهموه بالشعوذة وهذا يأتي من باب قلة الدين ، لأن الشفاء والبلاء بيد الله عز وجل فالشيخ أو الطبيب هم سبب فقط . واما المشعوذ فهو مشعوذ ويعرف من اعماله ، فالعجب ان يذهب انسان لفعل الاعمال الشيطانية عند مشعوذ ولا يعرف انه مشعوذ . فمن يذهب لعمل الاعمال الشيطانية عند المشعوذين ، فهو ليس بريئا ، بل هو مشعوذ من الدرجه الاولى ، لأن المشعوذ مشرك بالله ، والذي يذهب ليعمل الاعمال الشيطانية هو مضر بالناس . والرسول صلى الله عليه وسلم قال : اثنتان لا تقربهما : الشرك بالله والاضرار بالناس . واما الساحر فهو ساحر ، كما ان هناك الكثير منهم يعلقون شهادات السحر ويتفاخرون بها . وانا شخصيا قرأت كرت لأحد الاشخاص مكتوب عليه . المنوم المغناطيسي والساحر والفلكي ، فلان الفلاني والناس تذهب اليه ، ويتواجدون عنده بالطوابير . اخي القارىء ، علينا ان نتقي الله بأنفسنا وبالخلق ونتوب الى الله ، ولا نضر الآخرين . وعلينا ان نعلم أن الله بالمرصاد وأنه القادر والمنتقم الجبار ، لا اله الا هو وهو العليم العظيم ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين . وفي هذا القدر كفاية